فصل: كتاب الطلاق:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العمدة في الفقه



.باب القسم والنشوز:

وعلى الرجل العدل بين نسائه في القسم وعماده الليل فيقسم للأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية وليس عليه المساواة في الوطء بينهن وليس له البداءة في القسم بإحداهن ولا السفر بها إلا بقرعة فإن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه.
وللمرأة أن تهب حقها من القسم لبعض ضراتها بإذن زوجها أو له فيجعله لمن شاء منهن لأن سودة وهبت يومها لعائشة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة.
وإذا أعرس على بكر أقام عندها سبعا ثم دار وإن أعرس على ثيب أقام عندها ثلاثا لقول أنس: من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أن يقيم عندها سبعا وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا وإن أحبت الثيب أن يقيم عندها سبعا فعل وقضاهن للبواقي لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا ثم قال: «ليس بك هوان على أهلك إن شئت أقمت عندك ثلاثا خالصة لك وإن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي».

.فصل في آداب الجماع:

ويستحب التستر عند الجماع وأن يقول ما رواه ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا».

.فصل في النشوز:

وإن خافت المرأة من زوجها نشوزا أو إعراضا فلا بأس أن تسترضيه بإسقاط بعض حقوقها كما فعلت سودة حين خافت أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن خاف الرجل نشوز امرأته وعظها فإن أظهرت نشوزا هجرها في المضجع فإن لم يردعها ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح.
وإن خيف الشقاق بينهما بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها مأمونين يجمعان إن رأيا أو يفرقان فما فعلا من ذلك لزمهما.

.باب الخلع:

وإذا كانت المرأة مبغضة للرجل وخافت أن لا تقيم حدود الله في طاعته فلها أن تفتدي نفسها منه بما تراضيا عليه.
ويستحب أن لا يأخذ منها أكثر مما أعطاها فإذا خلعها أو طلقها بعوض بانت منه ولم يلحقها طلاقه بعد ذلك ولو واجهها به.
ويجوز الخلع بكل ما يجوز أن يكون صداقا وبالمجهول فلو قالت اخلعني بما في يدي من الدراهم أو ما في بيتي من المتاع ففعل صح وله ما فيهما فإن لم يكن فيهما شيء فله ثلاثة دراهم وأقل ما يسمى متاعا.
وإن خالعها على عبد معين فخرج معيبا فله أرشه أو رده وأخذ قيمته وإن خرج مغصوبا أو حرا فله قيمته.
ويصح الخلع من كل من يصح طلاقه ولا يصح بذل العوض إلا ممن يصح تصرفه في المال.

.كتاب الطلاق:

ولا يصح الطلاق إلا من زوج مكلف مختار ولا يصح طلاق المكره ولا زائل العقل إلا السكران.
ويملك الحر ثلاث تطليقات والعبد اثنتين سواء كان تحته حرة أو أمة فمتى استوفى عدد طلاقه لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا ويطأها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة: «لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك».
ولا يحل جمع الثلاث ولا طلاق المدخول بها في حيضها أو في طهر أصابها فيه لما روى ابن عمر أنه طلق امرأة له وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن بدا له أن يطلقها فليقطلقها قبل أن يمسها».
والسنة في الطلاق أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها فمتى قال لها أنت طالق للسنة وهي في طهر لم يصبها فيه طلقت وإن كانت في طهر أصابها فيه أو حيض لم تطلق حتى تطهر من حيضتها.
وإن قال لها أنت طالق للبدعة وهي حائض أو في طهر أصابها فيه طلقت وإن لم تكن كذلك لم تطلق حتى يصيبها أو تحيض.
فأما غير المدخول بها والحامل التي تبين حملها والآيسة والتي لم تحض فلا سنة لطلاقها ولا بدعة فمتى قال لها أنت طالق للسنة أو للبدعة طلقت في الحال.

.باب صريح الطلاق وكنايته:

صريحه لفظ الطلاق وما تصرف منه كقوله أنت طالق أو مطلقة وطلقتك فمتى أتى به بصريح الطلاق طلقت وإن لم ينوه وما عداه مما يحتمل الطلاق فكناية لا يقع به الطلاق إلا أن ينويه فلو قيل له ألك امرأة قال لا ينوي الكذب لم تطلق فإن قال طلقتها طلقت وإن نوى الكذب وإن قال لامرأته أنت خلية أو برية أو بائن أو بتة أو بتلة ينوي بها طلاقها طلقت ثلاثا.
إلا أن ينوي دونها وما عدا هذا يقع به واحدة إلا أن ينوي ثلاثا وأن خير امرأته فاختارت نفسها طلقت واحدة وإن لم تختر أو اختارت زوجها لم يقع شيء قالت عائشة قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكان طلاقا؟.
وليس لها أن تختار إلا في المجلس إلا أن يجعله لها فيما بعده وإن قال أمرك بيدك أو طلقي نفسك فهو في يدها ما لم يفسخ أو يطأ.

.باب تعليق الطلاق بالشروط:

يصح تعليق الطلاق والعتاقة بشرط بعد النكاح والملك ولا يصح قبله فلو قال إن تزوجت فلانة فهي طالق أو ملكتها فهي حرة فتزوجها أو ملكها لم تطلق ولم تعتق.
وأدوات الشروط ست إن وإذا وأي ومتى ومن وكلما.
وليس فيها ما يقتضي التكرار إلا كلما.
وكلها إذا كانت مثبتة ثبت حكمها عند وجود شرطها فإذا قال إن قمت فأنت طالق فقامت طلقت وانحل شرطه وإن قال كلما قمت فأنت طالق طلقت كلما قامت.
وإن كانت نافية كقوله إن لم أطلقك فأنت طالق كانت على التراخي إذا لم ينو وقتا بعينه فلا يقع الطلاق إلا في آخر أوقات الإمكان.
وسائر الأدوات على الفور فإذا قال متى لم أطلقك فأنت طالق ولم يطلقها طلقت في الحال وإن قال كلما لم أطلقك فأنت طالق فمضى زمن يمكن طلاقها فيه ثلاثا ولم يطلقها طلقت ثلاثا إن كانت مدخولا بها وإن قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت توأمين طلقت بالأول وبانت بالثاني لانقضاء عدتها به ولم تطلق به وإن قال إن حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض فإن تبين أنه ليس بحيض لم تطلق فإن قالت قد حضت فكذبها طلقت وإن قال قد حضت وكذبته طلقت بإقراره فإن قال إن حضت فأنت وضرتك طالقتان فإن قالت قد حضت فكذبها طلقت دون ضرتها.

.باب ما يختلف به عدد الطلاق وغيره:

المرأة إذا لم يدخل بها تبينها الطلقة وتحرمها الثلاث من الحر والاثنتان من العبد إذا وقعت مجموعة كقوله أنت طالق ثلاثا أو أنت طالق وطالق وطالق وإن أوقعه مرتبا كقوله أنت طالق فطالق أو ثم طالق أو طالق بل طالق أو أنت طالق أنت طالق وإن طلقتك فأنت طالق ثم طلقها أو كلما طلقتك فأنت طالق أو كلما لم أطلقك فأنت طالق وأشباه هذا لم يقع بها إلا واحدة.
وإن كانت مدخولا بها وقع بها جميع ما أوقعه.
ومن شك في الطلاق أو عدده أو الرضاع أو عدده بني على اليقين.
وإن قال لنسائه إحداكن طالق ولم ينو واحد بعينها خرجت بالقرعة.
وإن طلق جزءا من امرأته مشاعا أو معينا كأصبعها أو يدها طلقت كلها إلا الظفر والسن والشعر والريق والدمع ونحوه لا تطلق به.
وإن قال أنت طالق نصف تطليقة أو أقل من هذا طلقت واحدة.

.باب الرجعة:

إذا طلق امرأته بعد الدخول بغير عوض أقل من ثلاث أو العبد أقل من اثنتين فله رجعتها ما دامت في العدة لقول الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً} [البقرة: 228].
والرجعة أن يقول لرجلين من المسلمين اشهدا أنني قد راجعت زوجتي أو رددتها أو أمسكتها من غير ولي ولا صداق يزيده ولا رضائها وإن وطئها كان رجعة.
والرجعية زوجة يلحقها الطلاق والظهار ولها التزين لزوجها والتشرف له وله وطؤها والخلوة والسفر بها.
وإذا ارتجعها عادت على ما بقي من طلاقها ولو تركها حتى بانت ثم نكحت زوجا غيره ثم بانت منه وتزوجها الأول رجعت إليه على ما بقي من طلاقها.
وإذا اختلفا في انقضاء عدتها فالقول قولها مع يميها إذا ادعت من ذلك ممكنا وإن ادعى الزوج بعد انقضاء عدتها أنه قد راجعها في عدتها فأنكرته فالقول قولها وإن كانت له بينة حكم له بها فإن كانت قد تزوجت ردت إليه سواء كان دخل بها الثاني أو لم يدخل بها.

.باب العدة:

ولا عدة على من فارقها زوجها في الحياة قبل المسيس والخلوة لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
والمعتدات ينقسمن أربعة أقسام:
إحداهن: أولات الأحمال فعدتهن أن يضعن حملهن ولو كانت حاملا بتوأمين لم تنقض عدتها حتى تضع الثاني منهما والحمل الذي تنقضي به العدة وتصير به الأمة أم ولد يتبين فيه خلق الإنسان.
الثاني: اللآتي توفي أزواجهن يتربصن أربعة أشهر وعشرا والإماء على النصف من ذلك وما قبل المسيس وما بعده سواء.
الثالث: المطلقات من ذوات القروء يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وقرء الأمة حيضتان.
الرابع: اللائي يئسن من المحيض فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن والأمة شهران.
ويشرع التربص مع العدة في ثلاثة مواضع:
إحداها: إذا ارتفع حيض المرأة لا تدري ما رفعه فإنها تتربص تسعة أشهر ثم تعتد عدة الآيسات وإن عرفت ما رفع الحيض لم تزل في عدة حتى يعود الحيض فتعتد به.
الثاني: امرأة المفقود الذي فقد في مهلكة أو من بين أهله فلم يعلم خبره وتتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة وإن فقد في غير هذا كالمسافر للتجارة ونحوها لم تنكح حتى تتيقن موته.
الثالث: إذا ارتابت المرأة بعد انقضاء عدتها لظهور أمارات الحمل لم تنكح حتى تزول الريبة فإن نكحت لم يصح النكاح وإن ارتابت بعد نكاحها لم يبطل نكاحها إلا إذا علمت أنها نكحت وهي حامل ومتى نكحت المعتدة فنكاحها باطل ويفرق بينهما وإن فرق بينهما قبل الدخول أتمت عدة الأول وإن كان بعد الدخول بنت على عدة الأول من حين دخل بها الثاني واستأنفت العدة للثاني وله نكاحها بعد انقضاء العدتين وإن أتت بولد من أحدهما انقضت به عدته واعتدت للآخر وإن أمكن أن يكون منهما أرى القافة وألحق بمن ألحقوه منهما وانقضت به عدتها منه واعتدت للآخر.

.باب الإحداد:

وهو واجب على من توفي عنها زوجها وهو اجتناب الزينة والطيب والكحل بالأثمد ولبس الثياب المصبوغة للتحسين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على الزوج أربعة أشهر وعشرا» ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تكتحل وتمس طيبا إلا إذا اغتسلت نبذة من قسط أو أظفار وعليها المبيت في منزلها الذي وجبت عليها العدة وهي ساكنة فيه إذا أمكنها ذلك فإن خرجت لسفر أو حج فتوفي زوجها وهي قريبة رجعت لتعتد في بيتها وإن تباعدت مضت في سفرها والمطلقة ثلاثا مثلها إلا في الاعتداد في بيتها.

.باب نفقة المعتدات:

وهي ثلاثة أقسام:
أحدها: الرجعية ومن يمكن زوجها إمساكها فلها النفقة والسكنى ولو أسلم زوج الكافرة أو ارتدت امرأة المسلم فلا نفقة لهما وإن أسلمت امرأة الكافر أو ارتد زوج المسلمة بعد الدخول فلهما نفقة العدة.
الثاني: البائن في الحياة بطلاق أو فسخ فلا سكنى لها بحال ولها النفقة إن كانت حاملا وإلا فلا.
الثالث: التي توفي عنها زوجها فلا نفقة لها ولا سكنى.

.باب استبراء الإماء:

وهو واجب في ثلاثة مواضع:
أحدها: من ملك أمة لم يصبها حتى يستبرئها.
الثاني: أم الولد والأمة التي يطؤها سيدها لا يجوز له تزويجها حتى يستبرئها.
الثالث: إذا أعتقهما سيدهما أو عتقا بموته لم ينكحا حتى يستبرئا أنفسهما.
والاستبراء في جميع ذلك بوضع الحمل إن كانت حاملا أو حيضة إن كانت تحيض أو شهر إن كانت آيسة من اللائي لم يحضن أو عشرة أشهر إن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه.

.كتاب الظهار:

وهو أن يقول لامرأته أنت علي كظهر أمي أو من تحرم عليه على التأبيد أو يقول أنت علي كأبي يريد تحريمها به فلا تحل له حتى يكفر بتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا.
وحكمها وصفتها ككفارة الجماع في شهر رمضان فإن وطئ قبل التكفير عصى ولزمته الكفارة المذكورة.
ومن ظاهر من امرأته مرارا ولم يكفر فكفارة واحدة.
وإن ظاهر من نسائه بكلمة واحدة فكفارة واحدة وإن ظاهر منهن بكلمات فعليه كفارة لكل واحدة.
وإن ظاهر من أمته أو حرمها أو حرم شيئا مباحا أو ظاهرات المرأة من زوجها أو حرمته لم يحرم وكفارته كفارة يمين.
والعبد كالحر في الكفارة سواء إلا أنه لا يكفر إلا بالصيام.

.كتاب اللعان:

إذا قذف الرجل امرأته البالغة العاقلة الحرة العفيفة المسلمة بالزنا لزمه الحد إن لم يلاعن.
وإن كانت ذمية أو أمة فعليه التعزير إن لم يلاعن ولا يعرض له حتى تطالبه.
واللعان أن يقول بحضرة الحاكم أو نائبه أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنا ويشير إليها فإن لم تكن حاضرة سماها ونسبها ثم يوقف عند الخامسة فيقال له اتق الله فإنها الموجبة وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فإن أبى إلا أن يتم فليقل وإن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميت به امرأتي هذه من الزنا.
ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا ثم توقف عند الخامسة تخوف كما يخوف الرجل فإن أبت إلا أن تتم فلتقل وإن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به زوجي هذا من الزنا.
ثم يقول الحاكم قد فرقت بينكما فتحرم عليه تحريما مؤبدا.
وإن كان بينهما ولد فنفاه انتفى عنه سواء كان حملا أو مولودا ما لم يكن أقر به أو وجد منه ما يدل على الإقرار لما روى ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالأم.

.فصل في لحوق النسب:

ومن ولدت امرأته أو أمته التي أقر بوطئها ولدا يمكن كونه منه لحقه نسبه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ولا ينتفي ولد المرأة إلا باللعان ولا ولد الأمة إلا باللعان ولا ولد الأمة إلا بدعوى عدم استبرائها.
وإن لم يمكن كونه منه مثل أن تلد أمته لأقل من ستة أشهر منذ وطئها أو امرأته لأقل من ذلك منذ أمكن اجتماعهما ولو كان الزوج ممن لا يولد لمثله كمن له دون عشر سنين أو الخصي والمجبوب لم يلحقه.

.فصل في إلحاق مجهول النسب:

وإذا وطئ رجلان امرأة في طهر واحد بشبهة أو وطئ رجلان شريكان أمتهما في طهر واحد فأتت بولد أو ادعى نسب مجهول النسب رجلان أرى القافة معهما أو مع أقاربهما فألحق بمن ألحقوه منهما وإن ألحقوه بهما لحق بهما وإن أشكل أمره أو تعارض أهي القافة أو لم يوجد قافة ترك حتى يبلغ فيلحق بمن انتسب إليه منهما ولا يقبل قول القائف إلا أن يكون عدلا مجربا في الإصابة.

.باب الحضانة:

أحق الناس بالطفل أمه ثم أمهاتها وإن علون ثم الأب ثم أمهاته ثم الجد ثم أمهاته ثم الأخت من الأبوين ثم الأخت من الأب ثم الأخت من الأم ثم الخالة ثم العمة ثم الأقرب فالأقرب من النساء ثم عصباته الأقرب فالأقرب ولا حضانة لرقيق ولا فاسق ولا امرأة مزوجة لأجنبي من الطفل فإن زالت الموانع منهم عاد حقهم من الحضانة.
وإذا بلغ الغلام سبع سنين خير بين أبويه فكان عند من اختار منهما وإذا بلغت الجارية سبعا فأبوها أحق بها.
وعلى الأب أن يسترضع لولده إلا أن تشاء الأم أن ترضعه بأجر مثلها فتكون أحق به من غيرها سواء كانت في حبال الزوج أو مطلقة فإن لم يكن له أب ولا مال فعلى ورثته أجر رضاعه على قدر ميراثهم منه.

.باب نفقة الأقارب والمماليك:

وعلى الإنسان نفقة والديه وإن علوا وأولاده وإن سفلوا ومن يرثه بفرض أو تعصيب إذا كانوا فقراء وله مال ينفق عليهم.
وإن كان للفقير وارثان فأكثر فنفقته عليهم على قدر ميراثهم منه إلا الابن فإن نفقته على أبيه خاصة.
وعلى ملاك المملوكين الإنفاق عليهم وما يحتاجون إليه من مؤنة وكسوة فإن لم يفعلوا أجبروا على بيعهم إذا طلبوا ذلك.

.باب الوليمة:

وهي دعوة العرس وهي مستحبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف حين أخبره أنه تزوج: «بارك الله لك أولم ولو بشاة» والإجابة إليها واجبة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله» ومن لم يحب أن يطعم دعا وانصرف.
والنثار والتقاطه مباح مع الكراهة وإن قسم على الحاضرين كان أولى.

.كتاب الأطعمة:

وهي نوعان: حيوان وغيره فأما غير الحيوان فكله مباح إلا ما كان نجسا أو مضرا كالسموم والأشربة كلها مباحة إلا ما أسكر فإنه يحرم قليله وكثيره من أي شيء كان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل مسكر حرام وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام».
وإذا تخللت الخمر طهرت وحلت وإن خللت لم تطهر.

.فصل في ما يحل ويحرم من الحيوان:

والحيوان قسمان بحري وبري فأما البحري فكله حلال إلا الحية والضفدع والتمساح وأما البري فيحرم منه كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير كالنسور والرخم وغراب البين الأبقع والحمر الأهلية والبغال وما يأكل الجيف من الطير وما يستخبث من الحشرات كالفأر ونحوها إلا اليربوع والضب لأنه أكل مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر وقيل له أحرام هو؟ قال: «لا» وما عدا هذا مباح ويباح أكل الخيل والضبع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في لحوم الخيل وسمى الضبع صيدا.

.باب الذكاة:

يباح كل ما في البحر بغير ذكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: «الحل ميتته» إلا ما يعيش في البر فلا يحل حتى يذكى إلا السرطان ونحوه ولا يباح من البري شيء بغير ذكاة إلا الجراد وشبهه.
والذكاة تنقسم ثلاثة أقسام نحر وذبح وعقر.
ويستحب نحر الإبل وذبح ما سواها فإن نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر فجائز ويشترط للذكاة كلها ثلاثة شروط:
أحدها: أهلية المذكي وهو أن يكون عاقلا قادرا على الذبح مسلما أو كتابيا فأما الطفل والمجنون والسكران والكافر الذي ليس بكتابي فلا تحل ذبيحته.
والثاني: أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح وإرسال الآلة في الصيد إن كان ناطقا وإن كان أخرس أشار إلى السماء فإن ترك التسمية على الذبيحة عامدا لم تحل وإن تركها ساهيا حلت وإن تركها على الصيد لم يحل عمدا كان أو سهوا.
الثالث: أن يذكي بمحدد سواء كان من حديد أو حجر أو قصب أو غيره إلا السن والظفر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم ذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر».
ويعتبر في الصيد أن يصيد بمحدد أو يرسل جارحا فيجرح الصيد فان قتل الصيد بحجر أو بندق أو شبكة أو قتل الجارح الصيد بصدمته أو خنقه أو روعته لم يحل وإن صاد بالمعراض أكل ما قتل بحده دون ما قتل بعرضه وإن نصب المناجيل للصيد وسمى فعقرت الصيد أو قتلته حل.

.فصل في شروط الذكاة:

ويشترط في الذبح والنحر خاصة شرطان:
أحدهما: أن يكون في الحلق واللبة فيقطع الحلقوم والمريء وما لا تبقى الحياة مع قطعه.
الثاني: أن يكون في المذبوح حياة يذهبها الذبح فإن لم يكن فيه إلا كحياة المذبوح وما أبينت حشوته لم يحل بالذبح ولا النحر وإن لم يكن كذلك حل لما روى كعب قال كانت لنا غنم ترعى بسلع فأبصرت جارية لنا شاة موتى فكسرت حجرا فذبحتها به فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأمر بأكلها.
وأما العقر فهو القتل بجرح في غير الحلق واللبة ويشرع في كل حيوان معجوز عنه من الصيد والأنعام لما روى أبو رافع أن بعيرا ند فأعياهم فأهوى إليه رجل بسهم فحسبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا».
ولو تردى بعير في بئر فتعذر نحره فجرح في أي موضع من جسده فمات به حل أكله.

.كتاب الصيد:

كل ما أمكن ذبحه من الصيد لم يبح إلا بذبحه وما تعذر ذبحه فمات بعقره حل بشروط ستة ذكرنا منها ثلاثة في الذكاة.
والرابع: أن يكون الجارح الصائد معلما وهو ما يسترسل إذا أرسل ويجيب إذا دعي ويعتبر في الكلب والفهد خاصة أنه إذا أمسك لم يأكل ولا يعتبر ذلك في الطائر.
الخامس: أن يرسل الصائد الآلة فإن استرسل الكلب بنفسه لم يبح صيده.
السادس: أن يقصد الصيد فإن أرسل سهمه ليصيب به غرضا أو كلبه ولا يرى صيدا فأصاب صيدا لم يبح.
ومتى شارك في الصيد ما لا يباح قتله مثل أن يشارك كلبه أو سهمه كلب أو سهم لا يعلم مرسله أو لا يعلم أنه سمي عليه أو رماه بسهم مسموم يعين على قتله أو غرق في الماء أو وجد به أثرا غير أثر السهم أو الكلب يحتمل أنه مات به لم يحل لما روى عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فأمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه وإن قتل ولم يأكل منه فكله فإن أخذ الكلب له ذكاة فغن أكل فلا تأكل فأني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فأنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره وإذا أرسلت سهمك فاذكر اسم الله عليه وإن غاب يوما أو يومين ولم تجد فيه إلا أثر سهمك فكله إن شئت وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو قتله سهمك».

.باب المضطر:

ومن اضطر في مخمصة فلم يجد إلا محرما فله أن يأكل منه ما يسد رمقه.
وإن وجد متفقا على تحريمه ومختلفا فيه أكل من المختلف فيه.
فإن لم يجد إلا طعاما لغيره به مثل ضرورته لم يبح له أخذه وإن كان مستغنيا عنه أخذه منه بثمنه فإن منعه منه أخذه قهرا وضمنه له متى قدر فإن قتل المضطر فهو شهيد وعلى قاتله ضمانه وإن قتل المانع فلا ضمان فيه.
ولا يباح التداوي بمحرم ولا شرب الخمر لمن عطش ويباح دفع الغصة بها إذا لم يجد مائعا غيرها.

.باب النذر:

من نذر طاعة لزمه فعلها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» فإن كان لا يطيقها كشيخ نذر صوما لا يطيقه فعليه كفارة يمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين».
ومن نذر المشي إلى بيت الله الحرام لم يجزه المشي إلا في حج أو عمرة فإن عجز عن المشي ركب وكفر.
وإن نذر صوما متتابعا فعجز عن التتابع صام متفرقا وكفر وإن ترك التتابع لعذر في أثنائه خير بين استئنافه وبين البناء والتكفير وإن تركه لغير عذر وجب استئنافه.
وإن نذر معينا فأفطر في بعضه أتمه وقضى وكفر بكل حال.
وإن نذر وجب وإن نذر رقبة فهي التي تجزئ عن الواجب إلا أن ينوي رقبة بعينها.
ولا نذر في معصية ولا مباح فيما لا يملك ابن آدم ولا فيما قصد به اليمين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم» وقال: «لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله سبحانه».
وأن جمع في النذر بين الطاعة وغيرها فعليه الوفاء بالطاعة وحدها لما روى ابن عباس قال أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قائما فسأل عنه فقالوا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال: «مروة فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه».
وإن قال لله علي نذر ولم يسمه فعليه كفارة يمين.

.كتاب الأيمان:

ومن حلف أن لا يفعل شيئا ففعله، أو ليفعلنه في وقت فلم يفعله فيه فعليه كفارة يمين إلا أن يقول إن شاء الله متصلا بيمينه أو يفعله مكرها أو ناسيا فلا كفارة عليه.
ولا كفارة في الحلف على ماض سواء تعمد الكذب أو ظنه كما حلف فلم يكن ولا في اليمين الجارية على لسانه من غير قصد إليها كقوله في عرض حديثه لا والله وبلى والله لقول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة:89].
ولا تجب الكفارة إلا في اليمين بالله تعالى أو اسم من أسمائه أو صفة من صفات ذاته كعلمه وكلامه وعزته وقدرته وعظمته وعهده وميثاقه وأمانته إلا في النذر الذي يقصد به اليمين فإن كفارته كفارة يمين.
ولو حلف بهذا كله والقرآن جميعه فحنث أو كرر اليمين على شيء واحد قبل التكفير أو حلف على أشياء بيمين واحدة لم يلزمه أكثر من كفارة وإن حلف أيمانا على شيء فعليه لكل يمين كفارتها.
ومن تأول في يمينه فله تأويله إلا أن يكون ظالما فلا ينفعه تأويله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك».

.باب جامع الأيمان:

ويرجع فيها إلى النية فيما يحتمله اللفظ فإذا حلف لا يكلم رجلا يريد واحدا بعينه أو لا يتغدى يريد غداء بعينه اختصت يمينه به وإن حلف لا يشرب له الماء من العطش يريد قطع منته حنث بكل ما فيه منه وإن حلف لا يلبس ثوبا من غزلها يريد قطع منتها فباعه وانتفع بثمنه حنث وإن حلف ليقضينه حقه غدا يريد أن لا يتجاوزه فقضاه اليوم لم يحنث وإن حلف لا يبيع ثوبه إلا بمائة فباعه بأكثر منها لم يحنث إذا أراد أن لا ينقصه عن مائة وإن حلف ليتزوجهن على امرأته يريد غيظها لم يبر إلا بتزوج يغيظها به وإن حلف ليضربنها يريد تأليمها لم يبر إلا بضرب يؤلمها وإن حلف ليضربنها عشرة أسواط فجمعها فضربها ضربة واحدة لم يبر.
فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها فيقوم مقام نيته لدلالته عليها فإن عدم ذلك حملت يمينه على ظاهر لفظه فإن كان له عرف شرعي كالصلاة والزكاة حملت يمينه عليه وتناولت صحيحه ولو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا لم يحنث إلا أن يضيفه إلى ما لا يصح بيعه كالحر والخمر فتناول يمينه صورة البيع وإن لم يكن له عرف شرعي وكان له عرف في العادة كالرواية والظعينة حملت يمينه عليه فلو حلف لا يركب دابة فيمينه على الخيل والبغال والحمير وإن حلف لا يشم الريحان فيمينه على الفارسي وإن حلف لا يأكل على شواء حنث بأكل اللحم دون غيره والشواء هو اللحم المشوي وإن حلف لا يطأ امرأته حنث بجماعها وإن حلف لا يطأ دارا حنث بدخولها كيفما كان وإن حلف لا يأكل لحما ولا رأسا ولا بيضا فيمينه على كل لحم ورأس كل حيوان وبيضه والأدم كل ما جرت العادة بأكل الخبز به من مائع وجامد كاللحم والبيض والجبن والزيتون وإن حلف لا يسكن دارا تناول ما يسمى سكنى فإن كان ساكنا بها فأقام حتى يصبح أو خاف على نفسه فأقام حتى أمن لم يحنث.

.باب كفارة اليمين:

وكفارتها: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [المائدة: 89].
وهو مخير بين تقديم الكفارة على الحنث أو تأخيرها عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير» وروى: »فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه».
ويجزئه في الكسوة ما تجوز الصلاة فيه للرجل ثوب وللمرأة درع وخمار.
ويجزئه أن يطعم خمسة مساكين ويكسو خمسة ولو أعتق نصف رقبة أو أطعم خمسة أو كساهم أو أعتق نصف عبدين لم يجزه.
ولا يكفر العبد إلا بالصيام ويكفر بالصوم من لم يجد ما يكفر به فاضلا عن مؤنته ومؤنة عياله وقضاء دينه.
ولا يلزمه أن يبيع في ذلك شيئا يحتاج إليه من مسكن وخادم وأثاث وكتب وآنية وبضاعة يختل ربحها المحتاج إليه.
ومن أيسر بعد شروعه في الصوم لم يلزمه الانتقال عنه.
وإن لم يجد إلا مسكينا واحدا ردد عليه عشرة أيام.

.كتاب الجنايات:

القتل بغير حق ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: العمد وهو أن يقتله بجرح أو فعل يغلب على الظن أنه يقتله كضربة بمثقل كبير أو تكريره بصغير أو إلقائه من شاهق أو خنقه أو تحريقه أو تغريقه أو سقيه سما أو الشهادة عليه زورا بما يوجب قتله أو الحكم عليه به أو نحو هذا قاصدا عالما بكون المقتول آدميا معصوما فهذا يخير الولي فيه بين القود والدية لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وأما أن يفدى» وإن صالح القاتل عن القود بأكثر من دية جاز.
الثاني: شبه العمد وهو أن يتعمد الجناية عليه بما لا يقتله غالبا فلا قود فيه والدية على العاقلة.
الثالث: الخطأ وهو نوعان:
أحدهما: أن يفعل ما لا يريد به المقتول فيفضي إلى قتله أو يتسبب إلى قتله بحفر بئر أو نحوه وقتل النائم والصبي والمجنون فحكمه حكم شبه العمد.
النوع الثاني: أن يقتل مسلما في دار الحرب يظنه حربيا أو يقصد رمي صف الكفار فيصيب سهمه مسلما ففيه كفارة بلا دية لقول الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92].

.باب شروط وجوب القصاص واستيفائه:

ويشترط لوجوبه أربعة شروط:
أحدها: كون القاتل مكلفا فأما الصبي والمجنون فلا قصاص عليهما.
الثاني: كون المقتول معصوما فإن كان حربيا أو مرتدا أو قاتلا في المحاربة أو زانيا محصنا أو قتله دفعا عن نفسه أو ماله أو حرمته فلا ضمان فيه.
الثالث: كون المقتول مكافئا للجاني فيقتل الحر المسلم بالحر المسلم ذكرا كان أو أنثى ولا يقتل حر بعبد ولا مسلم بكافر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقتل مؤمن بكافر» ويقتل الذمي بالذمي ويقتل الذمي بالمسلم ويقتل العبد بالعبد ويقتل الحر بالحر.
الرابع: أن لا يكون أبا للمقتول فلا يقتل والد بولده وإن سفل والأبوان في هذا سواء ولو كان ولي الدم ولدا أو له فيه حق وإن قل لم يجب القود.

.فصل في شروط جواز استيفاء القصاص:

ويشترط لجواز استيفائه شروط ثلاثة:
أحدها: أن يكون لمكلف فإن كان لغيره أو له فيه حق وإن قل لم يجز استيفائه وإن استوفى غير المكلف حقه بنفسه أجزأ ذلك.
الثاني: اتفاق جميع المستحقين على استيفائه فإن لم يأذن فيه بعضهم أو كان فيهم غائب لم يجز استيفاؤه فإن استوفاه بعضهم فلا قصاص عليه وعليه بقية ديته له ولشركائه حقهم في تركة الجاني ويستحق القصاص كل من يرث المال على قدر مواريثهم.
الثالث: الأمن من التعدي في الاستيفاء فلو كان الجاني حاملا لم يجز استيفاء القصاص منها في نفس ولا جرح ولا استيفاء حد منها حتى تضع ولدها ويستغنى عنها.